نظرية المؤامرة
- الدكتور أحمد بن حسن الشيخ كاتب و رجل أعمال
- Sep 19, 2020
- 5 min read
Updated: Sep 20, 2020

كتب الدكتور أحمد بن حسن الشيخ...
البعض منا يعتقد أن نظرية المؤامرة هي وليدة العصر الحديث وفكر هذا الزمن بينما هذه النظرية ترجع بالتاريخ إلى وقت خلق الله آدم، حيث ذكر الله ذلك في محكم كتابه فقال:
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) بل وأكد الشيطان خطته فقال لهم (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)
ثم قال الشيطان لرب الخليقة ليؤكد رفضه (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا)
هذه الآيات دليل قاطع على بدء المؤامرة منذ خلق آدم، ويتواصل تطبيق ذلك في العصور المختلفة ولكنها تبرز بشكل كبير في عصر الفراعنة حيث تم ربط ذلك بسحر الكابالا الأسود.
عند بدء عصر النبوة، ألم تتآمر ثلة من قريش لقتل النبي صل الله عليه وسلم، ويذكر لنا التاريخ تآمر اليهود على نبينا محمد صل الله عليه وسلم أكثر من مرة.
عهد عثمان بن عفان كان بؤرة التآمر في تلك الفترة وحتى أن قضى الله بقتله واستشهاده، ويستمر مسلسل التآمر خلال تلك الفترة، ليس فقط في الدولة الإسلامية بل على مستوى العالم ونقرأ عن ذلك في إمبراطوريات الغرب على مر السنين.
أما بالنسبة للحكام العرب فقد كانت المؤامرات تحاك بينهم في البيت الواحد، أو ضد البيت الحاكم أو تحاك من الطبقة القوية في المجتمع أو بين الخونة ممن حول الحكام (غالبا بسبب ضعف الحاكم) أو من عدو أجنبى لقلب مقاليد الحكم، وهذه المؤامرات لازالت تحاك حتى يومنا هذا.
نعيش في زمننا هذا نوعين من المؤمرات "نظرياً"، الأولى موجهة للعالم الإسلامي السني، والأخرى موجهة لحكم العالم أجمع من قِبل الماسونية العالمية أو البناؤون الأحرار.
المائتي والخمسين عام تقريبا الماضية والعالم الإسلامي السني تحديداً مُغيب والمؤامرة تحاك ضده والسبب الوحيد لذلك هو أن المذهب السني ليس له مرجعية واحدة، إنما نُعمل العقل ونسأل المفتين عن أساس الفتوى ونطلب الدليل، وهذا الفعل لا يقوم به أغلب أصحاب المذاهب الأخرى، بل أغلب أصحاب الأديان الأخرى ويسلمون لكل ما تقوله سلطة تلك الديانة أو المذهب.
كما أن أهل السنة متى ما طلب إمام حاكم عادل بالجهاد فسوف يلبي ذلك أغلب المسلمين، فمثلاً إذا طلب الحاكم في بلده بالجهاد (مثلا حاكم الإمارات) سيلبي أفراد الشعب الإماراتي من مواطنين (وأنا متأكد من تلبية جزء كبير من المقيمين على أرض الإمارات)، أو طلب حاكم السعودية بالجهاد فسيلبي جزء كبير من الشعوب الإسلامية (ولنا في التاريخ القديم أسوة بذلك)، وهذا ما يقض مضجع الغرب تحديداً ويخافون منه، لذلك خلال القرنين والنصف كانت كل أشكال غسيل الدماغ بأننا أمة يغلب عليها الأفعال السيئة وأننا لسنا أهلا للعلم والتقدم والتطور، وأننا أمة يخون بعضها البعض، وأننا زناة شاربي خمر سارقين مرتشين. وضعوا فينا كل تلك الصفات ونحن صدقنا ذلك بل وطبقنا ما رسموه لنا، وهم على علم تام وكامل بأن الأمة الإسلامية السنية متى ما نهضت حكمت العالم من جديد وهذا هو أساس خوفهم.
يرجح البعض تاريخ نشأت الماسونية إلى عهد الفراعنة، والسحر الأسود سحر الكابالا، وتخفيهم تحت مسميات كثيرة في عصور مختلفة (منهم فرسان الهيكل). تقوم شعائرهم على السحر وتقديم القرابين البشرية خاصة الأطفال للشيطان لوسيفر، وأعتقادهم بأنهم سوف يحكمون العالم وهم يخططون لذلك واجتماعاتهم سنوية لمجموعة بسيطة منهم (Bilderberg مثلا) ولا يتم دعوة غرباء إلا بعد أخذ الموافقة عليهم من رؤسائهم والذين لا يعلم أحد من يكونون. هدفهم النهائي جعل العالم تحت حكومة واحدة هم من يتحكم بالعالم. ينشرون بيننا معلومات متضاربة من خلال قنواتهم لجعلنا نشك في كل ما نسمع ونرى ولا نستطيع ربط النقاط ببعض، لهم حضور وسيطرة على المصارف والإعلام والمخدرات وبيوت الدعارة وكل المواقع والأماكن السيئة و DeepWeb، وكل ما يغذي الشهوة وكل ما يتحكم بالمال والعقل.
الماسونية تعمل بشكل منظم جداً ويدعمون وجود وترقي عناصرهم في المجتمعات المختلفة، بدأ انتشارهم في القرن السابع عشر في اسكتلندا ثم توسعوا في أوروبا وانتقلوا بعدها إلى أمريكا وحولوها إلى مستعمرة كاملة لهم، وهم من اشعلوا الثورة البلشفية والثورة الفرنسية، وهم من وراء الربيع العربي، ولو تمعن الباحث في أساليب الثورات الثلاث سيجد فيها الأسلوب ذاته وقد تختلف بعض التفاصيل الصغيرة، طبعا مع إختلاف طرق الإستخدام حسب الأوقات الزمنية المختلفة، تم كشفهم خلال الثورة الفرنسية من خلال شخص كان يحمل أوراق الخطط المرسومة لتفعيل الثورة الفرنسية، وفي طريقة إلى باريس توفى، وأخذ أحدهم ما كان يحمل وعند قرأتها تم تسليمها للشرطة الفرنسية والتي قامت بمداهمة العناوين المذكورة في الأوراق، ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان، اختفت تلك الأوراق وأصبحت ذكرى وتم تدوينها وكتابتها ممن قرأها.
هدف الماسونية حكومة واحدة العالم أجمع وحكم ال1% ل 95% و4% هم من يقومون بترتيب الامور ل 1%، وتأتي سيطرتهم على كل ما يمكّن الإنسان من الإستقلال، مثل المال والدَين العام والخاص، وجعل الأفراد ينخرطون في ملذاتهم حتى يمكنهم السيطرة عليهم، كما أنهم يقومون بتضخيم كل ما يساعد للوصول إلى أهدافهم، ويخلطون في الأخبار حتى يشوشون على السواد الأعظم من البشرية ماذا يصدقون أو ماذا يكذبون، ولا مانع لديهم من التضحية بكثير من الأمور للوصول لأهدافهم، ويسيطرون على معظم المنظمات والهيئات الدولية والبنك الدولي والمصارف المركزية.
السؤال الذي يطرح نفسة هل يجب أن نقبل بكل ما يقال لنا وأن نصدقه؟ لا طبعاً، هناك أمور لن نستطيع أن نقبل بها لأنها مخالفة للعقل والمنطق، وهناك أمور علينا رفضها، وعلينا التأكد من كل ما يجري ويتم تسريبه لنا، وأن نضع ما نعرف في خطط لمواجهته ليس من باب القناعة بل من باب احتمالات الحدوث what if scenarios، كأي إحتمال حدوثه حتى وإن كان ضئيلاً.
نحن كمسلمين نؤمن بما أنزل الله ونعلم أن كيد الشيطان ضعيف ولا يمكن بأي حال أن يكون مقاوماً للقدر الإلهي، فقد ذكر الله وعيد الشيطان في قوله تعالى:
(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) ورد رب العزة على وعيد الشيطان فقال عنه في محكم كتابه:
(لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) كما قال تعالى عن وعد الشيطان (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)
إذاً وعد الشيطان وعد ضعيف مهما بدأ لنا قوته في تلك المخططات والمؤامرات وذكرنا ربنا فقال الله تعالى:
(إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وفرق تعالى بشكل واضح بين طرفي المعادلة في الوصف فقال تعالى
(الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)
وختاماً اذكر نفسي وغيري بقول الله (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)
وأقول إتكالي على ربي ولن أقف مكتوف الأيدي حتى وإن كان إحتمالية حدوث ذلك 1%، علينا أن نضع ذلك في الحساب كخطط ولا أن نسلم العقل والفعل بالخوف من الآتي، فخمسة أشياء في علم الغيب لا يعلمها إلا الباري، منها الأجل والرزق وهذا منطق حياتنا كمسلمين ونحيى به.
الدكتور أحمد بن حسن الشيخ رئيس مركز دبي للتحكيم الدولي, كاتب و رجل أعمال إماراتي ناجح و متميز, المدير العام لشركة حسن بن الشيخ للصناعات التي تعمل في مجال الطباعة و النشر منذ عام 1966 و أيضا في مجال العقارات في دولة الإمارات و بدأ العمل في الشركة منذ عام 1984... ترأس مناصب عديدة في القطاع الحكومي و الخاص.
يحمل الدكتورأحمد بن حسن الشيخ دكتوراه في الاقتصاد من جامعة كوفنتري من بريطانيا ، و ماجستير في الإقتصاد من جامعة دوندي في بريطانيا ، وبكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الإمارات العربية المتحدة.
Comentarios