كتب الدكتور أحمد بن حسن الشيخ...
الادخار يلعب دور كبير في النمو الاقتصادي و كذلك حماية الإقتصاد الوطني على المدى الطويل .. والإسراف يؤدي إلى عكس ذلك.
في إحدى الندوات، سألت الحضور والذي كان في حدود 200 شخص ونصفهم من أهل البلد، كل واحد منكم عليه قرض، ممكن يرفع يده؟، أكثر من ثلاثة أرباع القاعة كانت أيديهم مرفوعة...سألت سؤال أخر، كم واحد منكم لدية خطة إدخار وما هي نسبة الإدخار؟ لم أرى يد واحدة مرفوعة.
الادخار سلاح ذو حدين، فإذا زادت نسبة الادخار في وقت يكون فيه الاقتصاد في هدوء أو ركود فإن ذلك يزيد من حدة الركود، أما إذا كان في وقت الرخاء فذلك يزيد في النمو الاقتصادي المزدهر.
فعندما يدخر الشخص يضع مبالغ الإدخار في البنوك وبالتالي بعد فترة من الزمن تتكون في البنوك والمصارف فوائض مالية مما يؤدي بالمصارف إلى تسهيل الإقراض بسبب السيولة الموجودة من الادخار.
فالصين مثلا، كانت من الدول التي شجعت الشعب على الادخار قبل 1980، وقد كانت العائلة الصينية يعمل فيها الأب والأم، وكان أحد المُعِليِن يدخر، بمعنى آخر كان تقريباً 50% من دخل العائلة يتم ادخاره، وهذا بالتالي أدى إلى وجود سيولة كبيرة في المصارف على مدى سنين طويلة كما سهل عملية الإقراض للقطاع الخاص والذي بدوره كان سبب النمو المزدهر منذ ذلك الوقت وحتى وقت قريب في الصين.
لماذا يتم طرح هذا الموضوع الآن؟
أغلب الشعوب الخليجية ترزح تحت وطأة القروض، والقروض نوعان:
النوع الأول قرض استثماري، كأن يكون الهدف منه استثمار المبلغ للعوائد المستقبلية (ويدخل في ذلك مثل قروض التعليم والطبابة).
النوع الثاني، قرض إستهلاكي، وهنا تكمن المشكلة حيث أن أغلب القروض في دول الخليج تندرج تحت هذا النوع من القروض، فهذا النوع من القروض لا يدر نفعاً وغالبا يتم أخذه للترفيه ويتم صرفه في وقت بسيط، وهذا يؤدي إلى مشاكل للشخص الذي أصبح مديوناً وقد يؤدي به إلى عدم إمكانية السداد او ضبط مصروفاته بشكل يؤثر على سير حياته اليومية، وذلك أن أغلب هؤلاء الأشخاص غير مخططين مالين ولا يهتمون بضبط المصاريف أو موازنتها مع الدخل.
ويحدث ذلك لسببين:
الاول مستوى الدخل في الخليج عموماً مرتفع، والبنوك تساعد على مثل هذه القروض بتسهيل الاقتراض للأفراد.
والسبب الثاني هو ترف المجتمع والنظر إلى ما هو أعلى منا في الحياة الاجتماعية (بدل النظر إلى من هو أدنى منا في الحياة الاجتماعية) وجزء من الأمور التي يتم الصرف فيها تعتبر عند أغلب العالم أمور ترفيهية.
أغلب موطني الدول الخليجية لا يعرف (ولا يريد أن يعرف) مبدأ الإدخار، والحكومات الخليجية لم تتطرق إلى ذلك، وهذا أمر على الحكومات الخليجية إعادة النظر فيه لما فيه مصلحة المجتمع على المدى الطويل.
كان المفروض أن تبدأ الحكومات الخليجية ببرنامج شامل لزرع مبدأ الإدخار في نفوس الشعوب الخليجية، من خلال الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وقنوات التواصل الاجتماعي، وفوق ذلك كله من خلال المنهاج التعليمي، وذلك حتى تعي الشعوب اهمية ذلك.
الدكتور أحمد بن حسن الشيخ رئيس مركز دبي للتحكيم الدولي, كاتب و رجل أعمال إماراتي ناجح و متميز, المدير العام لشركة حسن بن الشيخ للصناعات التي تعمل في مجال الطباعة و النشر منذ عام 1966 و أيضا في مجال العقارات في دولة الإمارات و بدأ العمل في الشركة منذ عام 1984... ترأس مناصب عديدة في القطاع الحكومي و الخاص.
يحمل الدكتورأحمد بن حسن الشيخ دكتوراه في الاقتصاد من جامعة كوفنتري من بريطانيا ، و ماجستير في الإقتصاد من جامعة دوندي في بريطانيا ، وبكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الإمارات العربية المتحدة.
Comments