top of page

قانوني "الإفلاس" و"الإعسار" من أهم المنظومات التشريعية المالية والإقتصادية في الإمارات

  • Writer: ربيعه عبد الرحمن، محامية و مستشار قانوني
    ربيعه عبد الرحمن، محامية و مستشار قانوني
  • Aug 23, 2020
  • 4 min read



حرصت دائما دولة الإمارات العربية المتحدة على تبني أفضل الممارسات والمعايير الجاذبة للاستثمار، ومن أجل إستكمال المنظومة التشريعية المالية والاقتصادية فقد قامت الدولة بإصدار قانوني "الإفلاس"، ويختص بالشركات والمستثمرين، و"الإعسار"، و يختص

بالأفراد.


ويهدف القانونان إلى خدمة مصلحة كلٍّ من الدائن والمدين، عبر تشريعات خاصة تحمي حقوق الدائن، ونصوص قانونية تعطي الفرصة للمدين أن يقوم بالعمل على ترتيب شؤونه المالية، ما يوفر بيئة استثمارية ناجحة للجميع على كل الأصعدة.


لقد جاء قانون الإفلاس، و الصادر بموجب المرسوم الاتحادي رقم (9) لعام 2016، مبنياً على أفضل الممارسات الدولية، والمبادئ القانونية والاقتصادية الحديثة في العالم، و التي تتناسب مع النظام التشريعي لدولة الإمارات. وتكمن أهمية قانون الإفلاس في كونه ضرورة حتمية لنشاط الاقتصاد في البلاد، لأنه يعمل على حماية حقوق كافة الأطراف من دائنين ومدينين، ويساعد على توفير الفرص لاستمرار أعمال الشركات التي تمر قد بضائقة مالية. ويعمل قانون الإفلاس، على رفع مستوى الائتمان والضمان المالي، من خلال رفع ثقة المستثمرين للإستثمار في الدولة.


أما تعريف الإفلاس فهو أن تعلن الشركة عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها أمام الدائنين، وحينها تصفي الشركة أملاكها وحساباتها البنكية لتسدد أكبر من الالتزامات أمام الدائنين و العاملين بها قبا أن تخرج من سوق العمل. ويحدث الإفلاس في الشركات، عادة، نتيجة الاقتراض و ذلك لعدم توافر السيولة الكافية لمامرسة نشاطها و لذا تقترض، وقد يحدث أيضا نتيجة تلاعب أو تزوير في حسابات الشركة لإخفاء الخسائر. إن معظم حالات الإفلاس تنتج بسبب عوامل السوق وتأثر السوق بالعرض والطلب، و أيضا ارتفاع كلفة الإنتاج و عدم التوازن في طرق المنافسة. لكن في حال تبين وجود دليل على وجود تقصير شديد أو فساد وسوء نية في التعامل، فإن القانون نص في الباب السادس على أحكام تعاقب المدين و من يعمل لديه إذا كان المدين شخصاً اعتبارياً، ويقتصر ذلك على من يثبت تورطه في الفساد، ولا يطال أعضاء مجلس الإدارة أو الإداريين إذا لم يكن يد في تلك الأمور.



لا يؤدي إعلان الشركة الإفلاس إلى إعفائها من سداد ما عليها من ديون والتزامات وحقوق للأخرين، سواء كان موظفاً و عاملا في الشركة أو أحد المتعاملين معها أو مزوديها بالخدمات والبضائع. أما بالنسبة للموظف الذي يعمل لدى شركة أفلست فإنه يتم إعتباره من قبل القانون دائناً له أولوية لتحصيل حقوقه قبل غيره من الدائنين الإخرين.


أن قانون الإفلاس لا يتعلق بتقديم مساعدة مالية للشركات المفلسة، بل وجد لتنظيم حالة تعثر هذه الشركات، ووضع إجراءات قانونية لضمان حقوق الدائنين، مع ترك الفرصة للمدين أن يعيد تنظيم التزاماته المالية حسب القانون.

أما قانون الإعسار الصادر بموجب المرسوم الاتحادي رقم (19) لعام 2019، مهم من أجل الشفافية في معاملات سداد الديون المدنية، وضمان المعاملات المالية، مما يؤدي إلى تعزيز الاستقرارالمالي في الدولة. كما أن هذا التشريع سيزيد من سرعة النمو، ويُسهل على الأفراد فرصة الحصول على القروض، إذ تصبح هناك قواعد واضحة لتحصيل الديون المتعثرة وإعادة هيكلة الوضع المالي للمدين، ما يزيد من ثقة البنوك الدائنة بعمليات إقراض الأفراد، ويشجع الأفراد على الإقبال على الاقتراض الخالي من المخاطر.


و تعريف الإعسار هوتصفية الأموال للمديون و يأتي كمرحلة أخيرة، بعد فشل إمكانية تسوية التزامات المدين من خلال عملية التسوية، أي أنه لا سبيل للسداد ولو خلال مدة تصل إلى ثلاث سنوات. وفي تلك الحالة يتم بيع أموال المديون التي يجوز بيعها قانوناً، وفي نهاية الإجراءات يعلن إعسار المدين، ويدخل في مرحلة جديدة يمنع فيها من الحصول على أي ديون، وتنتهي بذلك إجراءات الإعسار.


أن قانون الإعسار يوفر وسيلتين لمواجهة حدوث حالة إعسار الأفراد من خلال إمكانية تسوية الالتزامات المالية، وأيضا اللجوء إلى الإعسار وتصفية الأموال. فإذا كان المدين يواجه صعوبات مالية في الوقت الحالي أو قد تحصل قريبا و تجعله غير قادر على تسوية ديونه، فبإمكانه تقديم طلب إلى المحكمة، ليحصل على فرصة لتسوية التزاماته المالية وفق إجراءات ميسرة وسهلة توفر له المساعدة اللازمة، وفي هذه الحالة تقوم المحكمة بتعيين خبيراء لمساعدته في تلك الإجراءات. ويتم إعداد خطة لإعادة تنظيم إلتزاماته المالية وتسويتها. ويتم التصويت على خطة التسوية تلك من قبل الدائنين وفق آلية معينة، وتنفذ الخطة بواسطة المدين مباشرة، ومساعدة وإشراف الخبير، ومراقبة المحكمة.


أما هدف قانوني الإفلاس و الإعسار فهو خدمة مصلحة الدائن والمدين، فالدائن يحتاج إلى قوانين تضمن حماية حقوقه، وعدم بيع أموال المدين بسعر أقل من السوق، حتى لا يؤدي ذلك للانتقاص من تحصيل دينه. أما بالنسبة للمدين، فهو يحتاج إلى قانون يعطيه الفرصة لكي ينظم أموره المالية، ويعيد جدولة الديون التي تراكمت عليه، وأن يضع خطة لتسوية الديون خلال مهلة معقولة. وبالتالي، فإنه وفي حال وجود قانون يضمن هذا، فإن ذلك يخدم المجتمع ، ويجذب الاستثمارات للدولة.


لقد نص القانون في حالتي الإفلاس والإعسار، على وقف الإجراءات الجزائية إلى حين المصادقة على خطة إعادة الهيكلة أو تسوية الالتزامات المالية، و في حال وجود الشيكات فإنه يمكن سداد قيمة الشيك وفق تلك الخطة حتى تنقضي الدعوى الجنائية، أو يتقرر وقف العقوبة حسب الأحوال، بالاستناد إلى المادة (401) من قانون العقوبات. أما في حالة عدم قبول المحكمة لطلب الاعسار لأي سبب، ودخول المدين في حالة التصفية وبيع الممتلكات، فإن وقف الإجراءات الجزائية يزول، ويعود المدين معرضاً للعقوبة التي تفرض على ارتكاب جريمة شيك دون رصيد.


إن حقوق الدائن الذي لم يتم سداد كل دينه بعد تصفية أموال المدين، لا تزول إلا بالتقادم المسقط للدعاوى وفق القانون المدني، وذلك يستغرق مدداً تصل إلى 15 سنة. ويجوز لكل دائن بقي له مطالبات أن يستمر بتقديم طلبات للحصول على أي أموال تدخل ذمة المدين خلال أي مرحلة في المستقبل.


أما العقوبة عن الشيك لاتزال قائمة، وذلك في حال رفض المحكمة لطلب الإعسار، أو في حال رفض الدائن الموافقة على خطة تسوية الالتزامات، أو في حال بطلان الخطة لأي سبب وفقاً لما نص عليه القانون، أو لدخول المدين في حالة إعسار وتصفية أمواله.


لم تُلغَ الصفة الجنائية عن الشيك في أي من المرسوم بقانون بشأن الإفلاس، أو المرسوم بقانون بشأن الاعسار. لكن المرسوم بقانون في الحالتين قدم حلاً يستند إلى النصوص الموجودة حالياً في كل من قانون العقوبات وقانون المعاملات التجارية، حيث تنقضي العقوبة التي فرضها القانون على من يرتكب جريمة إصدار شيك من دون رصيد، إذا سدد مُصدر الشيك قيمة الشيك كاملة، أو إذا تنازل مقدم الشكوى عن حقه.


و هناك تنسيق بين وزارة المالية ومحاكم الدولة من أجل ضمان توحيد طرق تطبيق قانوني الإفلاس و الإعسار، و متابعة نوع الطلبات التي تقدم إلى المحاكم، و التعرف إلى أهم المعايير الدولية التي تجب مراعاتها في طلبات إعادة الهيكلة بالنسبة للشركات، وتسوية الالتزامات المالية بالنسبة للأشخاص العاديين.


الكاتبة ربيعه عبد الرحمن محامية و مستشارة قانونية في دولة الإمارات و محكم معتمد بمركز التحكيم التجاري بدول مجلس التعاون الخليجي.


Comments


bottom of page