كتب الدكتور أحمد بن حسن الشيخ...
بعد أسبوعين تقريبا سندخل في عام جديد وأسأل الله لي ولكم أن ينعم علينا فيه بالعافية.
قبل الحديث عن العام القادم، علينا أن نتحدث عن هذا العام، للحق أكتب أن الربع الأخير من هذا العام الذي خالف التوقعات على المستوى المحلي وكانت النتائج أفضل مما كا متوقعاً. كما أن المتابع للاقتصاد المحلي خاصة والإقليمي عامة يلاحظ الإنفراج البسيط خلال الشهرين الماضيين.
معظم التقارير العالمية والمحلية التي قرأتها تشير أن الإقتصاد المحلي كان في حالة إنكماش، وكانت النسب تتفاوت ما بين -4.5% و-6%. والملاحظ أن هذا الإنكماش كان أكثر من هذه النسب لبعض القطاعات خاصة ما يرتبط بالقطاع السياحي وقطاع التجزئة، بينما القطاع الصناعي كان يحصد نمو إيجابي لسبين الأول تحول التجار إلى الشراء من السوق المحلي بسبب إغلاق حدود الدول المصدرة مثل الصين والهند، والثاني بسبب وصول المنتج المحلي (لعدم وجود البديل المستورد) إلى المستهلك الذي استحسن المنتجات المحلية لإنخفاض سعرها وجودتها المنافسه.
وكذلك القطاع التقني شهد نمو إيجابي بسبب الطلب المتزايد عليه خلال أشهر الإغلاق واستمراره في التوجيهات المستقبلية تجاه مستقبل أكثر في إستخدام التقنية.
النظرة والتوقعات للعام القادم ليست ضبابية ولكنها تحتاج إلى ثبات بعض المعطيات، منها صلاحية التطعيم وعدم وجود آثار جانبية له، عدم وجود طفرات جديدة للفيروس، عدم ظهور فيروسات أخرى، عدم وجود هزات إقتصادية غير متوقعة، وثبات سياسي عالمي.
بفرض ثبات تلك المعطيات، فإن إنتشار التطعيم سيؤدي إلى حالة من الراحة النفسية في مختلف بلدان العالم، مما يعني عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيا.
على المستوى المحلي أتوقع أن يرجع جزء كبير من الإقتصاد إلى دورته القريبة من الطبيعية، وأعتقد القطاع الصناعي والتقني ستكون نسبة نموهم الإقتصادي أكبر من العام المنصرم.
أما القطاع السياحي مع الإجراءات التي اتبعتها دبي خاصة، فبشائر الحركة السياحية أفضل خلال الشهرين الماضيين وتستمر للأفضل بإذن الله، فالمؤشر العالمي لإشغال الغرف يضع نسبة الإشغال في الفنادق في الأوقات العادية تتراوح بين 55% و 60%، بينما وصلت المؤشر في دبي إلى ما يفوق 90% في تلك الأوقات، اليوم المؤشر العالمي ما بين 15% و25% حسب الدول، دبي بشكل خاص وصلت نسبة الإشغال (حسب حديثي مع بعض مدراء فنادق الخمس نجوم) إلى ما بين 60%و 65%، وهذا مؤشر إيجابي للحركة السياحية والاقتصادية المحلية والتي تبشر بإنفراج إقتصادي محلي على مستوى الإمارات.
ويجب ملاحظة أن نسبة إشغال الفنادق تنخفض مع إنخفاض التصنيف، فمثلاً الخمس نجوم ستتعافى بشكل أسرع من الأربع نجوم، وهكذا.
كما أن الأسابيع القادمة ستكون داعم رئيسي للسياحة، فمعظم المصايف الشتوية لازالت في إغلاق، والإمارات وخاصة دبي في ترحيب بالقادمين للإحتفالات خلال الأعياد المسيحية، والاستمتاع بالفعاليات التي أغلب المصارف الشتوية أوقفتها كذلك بسبب الإغلاق العام، وكذلك بالاجواء المشمسة.
كما أعتقد أن العام القادم سيشهد إدراج شركات مساهمة جديدة، والمتوقع أن تكون هذه الشركات موجودة وتتحول من شركات مساهمة خاصة إلى عامة مما سيحول جزء من السيولة النقدية إلى تلك الإصدارات.
توجهات العقار تحتمل جميع الاحتمالات، فكمية الطلب عموما ستقل بخروج عدد من المستأجرين، سواء بتركهم البلد أو بإخراج عوائلهم، ومشاركة المسكن مع أصدقائهم، وبالتالي إنخفاض الطلب العائلي مع تزايد المعروض بسبب إنتهاء كثير من مشاريع التطوير والبناء، وفي نفس الوقت تحول بعض القاطنين في مناطق بعيدة عن عملهم إلى مدن أخرى مثل دبي وأبوظبي مما يساعد على ثبات الطلب، ولكن في كل الأحوال من المتوقع أن القيم الإيجارية ستتجه إلى التراجع والإنخفاض.
تحصيل الديون سيكون أحد أهم معطلات الحركة الإيجابية خلال العام القادم. كما أن ترتيب الشركات من الداخل والإستغناء عن بعض الموظفين ستكون السمة التي يتجه لها القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة، لتفادي الوصول إلى مرحلة الإستمرار في الخسائر المالية.
عالميا الوضع مختلف، لازال تأثير الجائحة مستمر ولكن بدرجة أقل، والإقتصاد العالمي سيواجه تحديات تؤثر على النمو، وإذا ثبتت المعطيات فأعتقد سنرى بداية إنفراج عالمي في النصف الثاني من العام القادم، ومن الممكن الطفرة التي حدثت مؤخراً في بريطانيا أن تاخر التعافي إن صح ذلك التحويل الخطير في الفيروس.
هذه قراءة لمعطيات اليوم وقد تتغير بتغير تلك المعطيات، وأقول إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، كما أقول لا يعلم الغيب إلا الله ط، إنما هذه اجتهادات شخصية.
أتمنى أن أكون قد وفقت لشرح هذا الموضوع وإيصال المعلومة بسلاسة لكل من يقرأها.
الدكتور أحمد بن حسن الشيخ رئيس مركز دبي للتحكيم الدولي, كاتب و رجل أعمال إماراتي ناجح و متميز, المدير العام لشركة حسن بن الشيخ للصناعات التي تعمل في مجال الطباعة و النشر منذ عام 1966 و أيضا في مجال العقارات في دولة الإمارات و بدأ العمل في الشركة منذ عام 1984... ترأس مناصب عديدة في القطاع الحكومي و الخاص.
يحمل الدكتورأحمد بن حسن الشيخ دكتوراه في الاقتصاد من جامعة كوفنتري من بريطانيا ، و ماجستير في الإقتصاد من جامعة دوندي في بريطانيا ، وبكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الإمارات العربية المتحدة.
Comments