كتب الدكتور أحمد بن حسن الشيخ..
الإقتصاد .. أي إقتصاد يعتمد في قوته ونموه على القوة الشرائية للفرد والتي تشكل متوسط المقدرة الشرائية للمجتمع .. وهناك خلط عند البعض بيها وبين الرغبة الشرائية .. والقوة الشرائية.
الرغبة الشرائية هي رغبة المستهلك في شراء هذا او ذاك المنتج .. بينما قد لا يسمح دخله بإنفاذ عملية الشراء بسبب ضغوط المديونية والمصروفات وعدم وجود فائض مالي من الدخل .. أما المقدرة الشرائية فهي مقدرة المستهلك الواحد على شراء سلع مختلفة والتي قد تتباين بين مستهلك وأخر .. والمقدرة الشرائية قد تحدد في أي شريحة هذا المستهلك .. هل هو في الشريحة الأعلى أو التي دونها أم الشريحة الدنيا.
القوة الشرائية هي مجموع القدرة الشرائية للبضائع أو الخدمات التي يقوم بها أفراد المجتمع مقسوماً على عدد الأفراد .. فمثلا ولتبسيط الارقام.. المجتمع عبارة عن خمسة أفراد .. الاول يصرف 100 والثاني يصرف 70 والثالث 65 والرابع 35 والخامس 20 و هذا يعني إجمالي صرف المجتمع 290 والقوة الشرائية للفرد 58, كما يمكن تقسيم شرائح المجتمع الى شريحة عالية الصرف (فرد 100) وشريحة متوسطة (فردين 65و70) وشريحة دنيا (فردين 35و20).
يتسبب إرتفاع الدخل في إرتفاع القوة الشرائية والذي بدوره ينتج عنه نمو إقتصادي, وتعتمد نسبة النمو الإقتصادي على نسبة زيادة الدخل.
إرتفاع القوة الشرائية يأتي من عدة أسباب منها:
إرتفاع الدخل يولد سيولة إضافية لدى الأشخاص.
إنخفاض التضخم والذي بدوره يخفض أسعار بعض الخدمات والمنتجات مما يتسبب في وجود فوائض مالية لدى الأفراد.
التخطيط السليم لميزانية الفرد ومقارنة الدخل الكلي بالمصاريف الكلية وبالتالي معرفة الأماكن التي يمكن خفض المصاريف فيها.
التطورات التقنية والتي تساعد على خفض الأسعار أو دمج ميزات أكثر من جهاز في واحد وبالتالي شراء منتجات أقل.
وفي المقابل مع التسارع في زيادة الدخل .. خاصة إذا كان بسبب قلة العرض .. مثل إرتفاع أسعار النفط أو إرتفاع سلم الرواتب بسبب شُح الأيدي العاملة ينتج عنه تضخم في الأسعار (التضخم موضوع قد تناولته سابقاً).
وفي المقابل هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى إنخفاض القوة الشرائية منها:
تغير سعر صرف العملات فارتفاع سعر الصرف يؤدي إلى زيادة أسعار البضائع المستورة وبالتالي خفض في المبالغ الممكن صرفها من قبل الأفراد.
إرتفاع أسعار السلع والخدمات لأي سبب كان سواء إرتفاع أسعار المواد الأولية أو صدور قوانين أدت إلى إرتفاع الأسعار أو تغير سعر الصرف.
فقدان الوظائف عندما يحدث إنكماش في الإقتصاد ويتسبب ذلك في تسريح العمالة فهذا يؤدي إلى إنخفاض المبالغ التي يتم تداولها في الإقتصاد مما يولد نقص في القوة الشرائية.
الفورات الإقتصادية والنمو السريع تخلق تضخم في الإقتصاد وهذا بدوره يقلل القوة الشرائية بسبب إرتفاع الأسعار.
تراكم الديون على الأفراد خاصة الديون الاستهلاكية ترفع النمو الإقتصادي في البداية ثم تؤثر على القوة الشرائية لاحقا.
ديون الشركات من الأسباب المؤثرة بعيدة الأمد على القوة الشرائية فالإفراط في الديون لتوسيع النشاط التجاري أو الصناعي قد تؤدي إلى إفلاس الشركات إذا لم تستطيع سداد القروض مما يؤدي بدورة إلى فقدان الوظائف.
أما الديون السيادية فتؤدي إلى التضخم والذي بدورة يقلل القوة الشرائية.
عند فورة النمو الإقتصادي ترتفع الفوائد البنكية وبالتالي تزيد تملفة القروض مما يستوجب زيادة الاستقطاع الشهري من الأفراد وتوفير تلك الزيادة من جوانب أخرى في المصروف.
إن استحداث قوانين جديدة في بعض الأحيان تتسبب في زيادة تكلفة السلع والخدمات والذي بدورة يقلل من القوة الشرائية.
واسوأ هذه الأسباب على الإطلاق في خفض القوة الشرائية .. بل على النظام الإقتصادي بأكمله .. هو الخوف البشري من المجهول مثل:
الخوف من نشوب حرب بين دولة وأخرى.
الخوف من مؤشرات لظهور أزمة إقتصادية قادمة وعدم معرفة تأثيراتها.
الخوف من حصول مجاعة بسبب قلة المحاصيل أو تأخر نزول الأمطار أو لأية أسباب أخرى.
الخوف ن حدوث كوارث طبيعيه مثل الزلازل والبراكين في بلد لم يكن يُعرف بهذه الكوارث.
هذا النوع من الخوف يتسبب بمحاولة أغلب الأفراد بالإدخار المفرط لأنهم لا يعرفون متى حدوث الامر الذي يتخوفون منه ولا مدى فترة استمراره ولا العواقب التي تلي ذلك فتكون محاولاتهم هي أقصى مبالغ يمكن إدخارها للفترة القادمة.
الدكتور أحمد بن حسن الشيخ رئيس مركز دبي للتحكيم الدولي, كاتب و رجل أعمال إماراتي ناجح و متميز, المدير العام لشركة حسن بن الشيخ للصناعات التي تعمل في مجال الطباعة و النشر منذ عام 1966 و أيضا في مجال العقارات في دولة الإمارات و بدأ العمل في الشركة منذ عام 1984... ترأس مناصب عديدة في القطاع الحكومي و الخاص.
يحمل الدكتورأحمد بن حسن الشيخ دكتوراه في الاقتصاد من جامعة كوفنتري من بريطانيا ، و ماجستير في الإقتصاد من جامعة دوندي في بريطانيا ، وبكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الإمارات العربية المتحدة.
Comments