الإقتصاد .. هل وصل بر الأمان..
- الدكتور أحمد بن حسن الشيخ كاتب و رجل أعمال
- Aug 29, 2020
- 3 min read

بقلم *الدكتور أحمد بن حسن الشيخ- علينا أن نقسم الوضع إلى .. اقتصاد محلي وإقليمي ودولي.
الاقتصاد المحلي وصل إلى مرحلة يمكننا القول فيها أننا أصبحنا أقرب إلى الانفراج ولاحظنا أن بعض القطاعات شهدت تحسناً عن السابق, وهذا يأتي من خلال الجهود التي بذلتها الحكومات المحلية والاتحادية, ومن الملاحظ أن الخطوات التي اتبعتها حكومة دبي منذ اللحظة الأولى, كان لها أثر إيجابي كبير على بدء عودة الحركة الاقتصادية بشكل أسرع من مثيلاتها إقليمياً وعالمياً. وتعتبر الإمارات من الدول الأولى المرشحة للتعافي ورغم ذلك فإننا لم نخرج من الأزمة الإقتصادية بعد .. ولازالت هناك تحديات أمام الحكومات المحلية والاتحادية قد تواجهها في القريب العاجل.
إقليمياً قد ذكرت في كتابات سابقة أن بعض الدول اتجهت للخفض في موازناتها بينما البعض اتجه لتعظيم الدخل بدل خفض المصاريف، مع التحديات التي تواجه كل دولة على حدة .. ويمكن القول أن سلطنة عمان قد تكون هي الحكومة التي ستربح الرهان في هذا المجال .. رغم أنه من السابق لأوانه الحكم قبل إنتهاء الأزمة الاقتصادية.
عالمياً، أعتقد أننا أمام سيناريو يختلف تماماً، فالاقتصاد الأوروبي والأمريكي يتجهان إلى الانكماش, حيث تجاوز عدد العاطلين عن العمل في أمريكا 40 مليون عاطل, حتى 5 مليون وظيفة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل فترة لم تغير الكثير في أرقام عدد العاطلين عن العمل. كما أن عدد من الشركات العالمية أعلنت إما عن إشهار إفلاسها أو طلبت وضعها تحت الحماية الإجبارية حتى تستطيع تعديل أوضاعها، والتحليلات تشير إلى عدد أكبر يتجه لنفس المصير، والسبب الرئيسي لذلك هو حجم الديون الكبيرة على الشركات الغربية مقارنة للشركات المحلية أو الإقليمية، مما يسبب ضغط على مدفوعات الشركات للبنوك مقابل ضعف الدخل المتوقع وعلينا أن نراقب مؤشرات الاقتصاد الأمريكي حيث أن هناك توقع لانفجار فقاعة الديون التجارية على الشركات.
غربلة السوق وخروج الضعيف شيء إيجابي يتيح إعادة التوازن للعرض والطلب، ويقلل المنافسة الغير شريفة أو المنافسة القائمة على كسر الأسعار، والتي يستفيد منها المستهلك النهائي في العادة.
المتوقع في السوق المحلي والإقليمي خروج بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة مما سيؤثر على سوق الإيجارات التجارية والسكنية وستؤدي إلى انخفاض القيمة الإيجارية للعقارات، وأيضا انخفاض في تعداد البشر المقيمين في دول الخليج مما سيؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية وحجم السيولة المتداولة بين الأفراد.
لمعرفة اتجاه الاقتصاد المحلي والإقليمي والدولي، علينا قراءة الأحداث في ثلاثة تواريخ قادمة، التاريخ الأول هو شهر أكتوبر وما سيحدث فيه والتاريخ الثاني هو نوفمبر والتاريخ الثالث هو شهر يناير من السنة القادمة.
ففي أكتوبر وعلى المستوى الإيجاري فإنه موعد الدفعة الأخيرة من عقود الإيجار، وهل سيكون هناك عائق أمام المحلات التجارية خاصة بسبب عدم وجود حركة تجارية حسب ما كانت عليه العادة؟! خاصة وأننا أصبحنا نعتمد على السياحة كمصدر رئيسي، وبما أن عددالسياح انخفض بشكل كبير في الفترة الماضية فالمتوقع أن لا يرجع كما كان حتى منتصف العام القادم.
بالنسبة لشهر نوفمبر ففيه الانتخابات الأمريكية ومن يكون الفائز وهذا سيؤثر على المستوى العالمي. أما بالنسبة لموعد يناير فهو أيضا يختص بالدفعة الإيجارية لتجديد العقد، كما أنه بذلك التاريخ ستعرف البنوك والمصارف قائمة المتأخرين عن الدفع والمتعثرين، وإذا تجاوزوا الستة أشهر في عدم الدفع، فعلى البنوك أخذ احيتاطيات على تلك الحسابات، ومن المتوقع أن تكون هذه الاحتياطات مبالغ كبيرة تؤثر على نتائج أرباح هذا القطاع وفي ذلك التاريخ سوف يظهر لنا إذا ما بدأت بلدان العالم بالانفتاح على السفر أم لا؟ وهل بدأ البشر بتقبل الإنتقال والسفر خارج حدود بلدانهم؟ وفوق كل ذلك هل بدأت الجائحة في الانحسار، أم حان موعد الموجة الثانية التي قد تكون أشد فتكاً؟!
إذا لم تتحسن الأوضاع محلياً (أو إقليمياً) حتى نهاية العام، فالتوقعات أن يتم الاستغناء عن نسبة من الموظفين أصحاب المناصب العليا، وأعتقد أن نسبة من هؤلاء سيتجه لفتح شركاتهم الخاصة وغالبية هذه الشركات ستتخصص في الاستشارات الإدارية والمالية والتسويقية، كما أن مهندسي البرمجة سيتجهون لفتح شركات التقنية لخدمة هذا القطاع والطلب المتزايد عليه.
من العوامل التي من الممكن أن تحرك الاقتصاد خاصة المحلي .. دخول القطاع الخاص باستثمارات في مختلف القطاعات سواء الصناعية أو الزراعية أو التقنية .. وممكن أن يتم توجيه الأموال الباحثة عن الاستثمارات مثل venture capital راس المال الجريء من خلال برامج وطنية بعيدة عن القطاع العام, مثل هذه الاستثمارات تحتاج إلى احتضان ومعاملة خاصة في هذا الوقت لدفعها للاستثمار, ويمكن للحكومة رسم مثل هذه السياسة كإعفاء لمدة خمس سنوات أو أكثر من الرسوم, رسم تفضيلي للكهرباء, إعفاء من الرسوم الإتحادية, تخصيص نسبة من المشتريات الحكومية, و إعطاء أفضلية سعرية لهم, مثل هذه المحفزات قد يراها البعض تقليل لدخل الحكومة, بينما هي في الواقع عكس ذلك, فعمل مثل هذه المشاريع تتبعها مشاريع مصاحبة أكثر في العدد وأقل في الاستثمار .. وعلى مقترحي السياسات النظر إلى الأفق البعيد وما يحتويه من خير عام على البلد.
*الدكتور أحمد بن حسن الشيخ رئيس مركز دبي للتحكيم الدولي, كاتب و رجل أعمال إماراتي ناجح و متميز, المدير العام لشركة حسن بن الشيخ للصناعات التي تعمل في مجال الطباعة و النشر منذ عام 1966 و أيضا في مجال العقارات في دولة الإمارات و بدأ العمل في الشركة منذ عام 1984... ترأس مناصب عديدة في القطاع الحكومي و الخاص.
يحمل الدكتورأحمد بن حسن الشيخ دكتوراه في الاقتصاد من جامعة كوفنتري من بريطانيا ، و ماجستير في الإقتصاد من جامعة دوندي في بريطانيا ، وبكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الإمارات العربية المتحدة.
Comments