top of page

الإقتصاد .. إلى أين؟

  • Writer: الدكتور أحمد بن حسن الشيخ كاتب و رجل أعمال
    الدكتور أحمد بن حسن الشيخ كاتب و رجل أعمال
  • Aug 25, 2020
  • 5 min read



الدكتور أحمد بن حسن الشيخ
الدكتور أحمد بن حسن الشيخ

بقلم *الدكتور أحمد بن حسن الشيخ--قد يرى البعض بأن ما كتبته نظرة سلبية ولكنني حاولت التخفيف قدر الامكان، وتبقى هذه أراء واجتهادات شخصية، مأخوذة من تجارب وملاحظات شخصية وقراءات كثيرة خلال الفترة الماضية في هذا المجال وتأثيرها على اقتصادات العالم المختلفة، فنحن لازلنا نعيش الصدمة الصحية، وأغلبنا لم يعي القادم من الصدمة الإقتصادية بعد، والذي سيكون تأثيره أكثر بكثير من الصدمة الصحية.


لنبدأ من شهر مارس، كانت بداية الصدمة بأن نرى تأثير الحالة الصحية والمرض وصل إلى هذا البلد (وكل بلد كان ينظر للأمر بنفس النظرة) ووصلت حالة خوف الناس إلى أعلى مستوى فهذا أمر لم يمر علينا في حياتنا، ولم يكن أي من أصحاب القطاع الخاص ينظر إلى عمله بقدر ما كان ينظر إلى النواحي الصحية له ولعائلته وموظفيه ولم يكن يرى الخسائر المادية في ذلك الوقت بسبب التركيز على النواحي الصحية، ويواكب ذلك برامج الحظر في مختلف بلدان العالم.


ثم تتوالى الأيام ويأتي رمضان وتبدأ إجراءات رفع الحظر ويكون ذلك في شهر رمضان، والذي بطبيعة الحال لكثير من الأنشطة هو شهر تنخفض في بداياته التعاملات التجارية، وتضع كثير من الشركات آمالها على فترة العيد والشهر الذي يليه.

لا أعتقد بأن تكون هناك حركة إقتصادية كما تعودنا عليها قبل العيد أو في الشهر الذي يليه مما سيؤدي إلى أن نسمع بداية صرخات القطاع الخاص تتعالى مع بداية الشهر السابع وتزداد تلك الصرخات في الأشهر التي تلي ذلك.


سبب حدوث ذلك هو خفض الرواتب في كثير من الشركات الكبيرة والصغيرة، والخوف من المجهول للأفراد، فالفرد يرى ما يحدث من حوله، فالبعض يرى خفض مصاريفه ضرورة بسبب خفض الرواتب، والبعض الآخر يرى أنه حتى وإن كان هناك فائض مالي فمن باب احترازي الأفضل المحافظة على الفائض فلا يدرى هل سيستمر دخله ام سوف تصله رساله بخفض الراتب أو إلغاء الوظيفة، هذا الخوف سيؤدي إلى خفض القوة الشرائية والذي بدورة يؤدي إلى انخفاض مبيعات مشاريع القطاع الخاص.

أغلب شركات القطاع الخاص ليس لديها سيولة كافية تستطيع الإعتماد عليها للاستمرار، ومن هذا المنطلق سوف نشاهد إفلاسات في الشركات الصغيرة بين 30-40% منها، و20-30% من الشركات المتوسطة إن لم تكن النسب أعلى من ما ذكرت، وبعض الأسماء المعروفة ستعلن إفلاسها للأسف، وحتى الشركات العالمية لن تسلم، بعض الأسماء الرنانة سوف تنتهي من الوجود.


ما هي الأسباب بشكل رئيسي إضافة إلى ما سبق؟

هناك ثلاث أسباب رئيسية:

  • انخفاض الدخل بسبب انخفاض الطلب.

  • تكلفة التشغيل التي لازالت عالية حتى بعد خفض الرسوم والرواتب.

  • الإعتماد على القروض، وكلما كانت نسبة القروض إلى رأس المال عالية كلما زادت المخاطر.

السبب الأخير هو الأخطر، فمع انخفاض السيولة الواردة incoming cash flow، وزيادة مطالبات الموردين والبنوك والأيدي العاملة، ذلك سيؤدي إلى الضغط على السيولة الموجودة في هذه الشركات والتي إن لم تتجدد بالتوريدات النقدية الداخلة Cash Inflow ستنتهي وتؤدي للإفلاس.


القطاعات التي ستتأثر حسب ترتيب الأسبقية

كل القطاعات التي تقدم خدمات وليس سلع.

  • قطاع المأكولات، من مطاعم ومقاهي وتوابعها.

  • قطاع السياحة وما يتعلق به من طيران وفنادق وغيرها.

  • قطاع التطوير العقاري، والذي سيشهد تغيير كبير فيه.

  • قطاع الإنشاءات والمقاولات.

  • قطاع التجزئة

  • قطاع مراكز التسوق

  • القطاع التجاري، ويعتمد على نوع النشاط وكمية المخزون ومبالغ الاقتراض.

  • القطاع الصناعي، ويعتمد على مبالغ الاقتراض إلى رأس المال.


الإفلاسات في هذا الانكماش الاقتصادي ستؤدي إلى تأثير مباشر على قطاع البنوك والمصارف، مما قد يؤدي إلى إفلاسات لبنوك عالمية وخفض كبير في عدد الموظفين (وهذا ما بدأنا نلاحظه على المستوى العالمي)، وعدم وجود مرونة كافية في الموافقات على طلبات الإقتراض إلا بضمانات تفوق أضعاف مبالغ الإقتراض.

هذا على مستوى الشركات، أما على مستوى الحكومات، فدخل الحكومات يأتي من الرسوم والضرائب بشكل رئيسي، وبما أن جزء لا بأس به من شركات ومؤسسات القطاع الخاص ستنتهي بالإفلاس، فهذا معناه أن دخل الحكومات سينخفض مما سيؤدي إلى حاجة الحكومات للإقتراض.


معظم حكومات العالم، ومنها الحكومات المحلية والإقليمية، اتجهت إلى خفض كثير من المصروفات والمشاريع التي اعتبرتها غير ضرورية لهذه الفترة، مقابل إرتفاع كبير في مصروفات القطاع الصحي ويقابله إنخفاض دخل الحكومات بخفض الرسوم والضرائب، ولكن مع كل ذلك الخفض سيصل الوضع بهذه الحكومات أن تصل بموازنة سلبية كبيرة بين الدخل والمصاريف، مما سيؤدي إلى خفض عدد العاملين في القطاع الحكومي وخفض الرواتب بشكل كبير حتى يتسنى لها الاستمرار في تقديم الخدمات الصحية والأمنية وغيرها من خدمات، مما سيزيد من فداحة الانكماش الإقتصادي بسبب انخفاض كبير في القوة الشرائية، سواء بعدد الأفراد أو بانخفاض دخل الفرد منهم.


إذا أرادت الحكومات الخروج بأقل الخسائر عليها:

  • الدخول في مرحلة تقشف "حادة" وجادة.

  • النظر في إعادة هيكلة عدد موظفي الحكومة، وأعتقد (بل أكاد اجزم) أن هناك بطالة مقنعة يمكن الاستغناء عنها وبنسبة عالية، وهذا يكون من أولويات الحكومة بتفعيل لجنة لهذا الأمر.

  • النظر في هيكلة الرواتب والمميزات وبشكل كبير على المناصب العليا بالذات ويتبعه باقي المناصب والوظائف.

  • مراجعة كافة المصروفات التي تصرف خارج الدوائر والمؤسسات وتقنينها وخفضها إلى أدنى مستوى يمكن خفضه.

  • إيقاف كامل المشاريع حتى وإن ضر ذلك بالقطاع الخاص.

  • الخروج من جميع الشركات التي تمت إقامتها مثل تسهيل وتدبير وما على شاكلتها وارجاع العمل المؤسسي إلى ما كان عليه دون هذه المؤسسات، لإبقاء ما يمكن إبقاءه من الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص.

  • خفض الرسوم وإعادتها إلى ما كانت علية قبل الألفية الثانية.

  • عدم دعم أي من الشركات التجارية أو الصناعية وتركها أما أن تقاوم الوضع الاقتصادي وتنجح، أو تستسلم وتعلن إفلاسها.


تستطيع الحكومات المحلية بدل أن تفرض ضرائب، أن تنشيء صندوق تكافل محلي، ويكون الإشتراك فيه إلزامي، وهدفه الحصول على تمويل ذاتي (من كل شركات القطاع الخاص القادرة في البلد) بدون فوائد على هذه القروض للصندوق، شريطة أن يتم الإعلان عن لجنة مستقلة من القطاع الخاص تشرف على الصندوق وعن حاجة الصندوق للمبالغ المطلوبة، وأين يتم صرف هذه المبالغ، والتأكد والتأكيد على أن صرف المبالغ ذهب لدعم مستقبل الإقتصاد وليس لمصروفات جانبية.

والهدف من تحصيل هذه المبالغ ضخها في الإقتصاد المحلي لدفع العجلة من جديد وتحريكه لمصلحة الجميع.

وهنا أتوقع أن ينادي البعض بضرورة تجنيس بعض الجنسيات التي قد تأتى بدعم مالي وبضخ سيولة في الصندوق أو الإقتصاد، ولكن هذا سيكون وبال سيىء على الإمارات ولن تستطيع التخلص منه مستقبلاً، فأرجو كل الرجاء من أفراد الحكومة بعدم الإستماع لهذا الأمر والإنصياع له حتى وإن صدر من مسؤولين كبار في مجالس علية القوم.

الوضع الإقتصادي سيكون بنفس ما شهدناه حتى نهاية الصيف، ثم نلاحظ خروج عدد كبير من الشركات الصغيرة والمتوسطة من السوق، وأتوقع أن يحدث خفض في رواتب موظفي الحكومات في الربع الأخير من هذه السنة، ومع بداية الربع الأخير من هذه السنة سيتجه الإقتصاد إلى أحد أمرين، بداية عودة إيجابية ولو بسيطة في الاقتصاد، أو سيتجه الإقتصاد إلى إنكماش لم يشهد له مثيل في المائة سنة الماضية.


ورغم كل السلبيات إلا أن هناك دائما فرص، الشخص الذي ليس عليه ديون وبعيد عن الاقتراض ويملك السيولة، ستكون هناك له فرص ليس لها حدود، حتى المستثمر الصغير سوف يستطيع أن يحصل على فرص كبيرة ويعتمد على التوقيت والوضع الإقتصادي العام في الاثني عشر شهر القادمة.

توجهات الإستثمار المستقبلي بعد إنتهاء الركود العالمي سيكون في

  • تصنيع وسلسلة التوريدات للمواد الغذائية.

  • القطاع الصحي سيتم التركيز عليه بشكل كبير.

  • قطاع التعليم والتدريب خاصة التعليم المتطور والمرتبط بالإبتكار.

  • التكنلوجيا المتطورة، والذكاء الاصطناعي، والبرمجة المرتبطة بهما.

وتبقى هذه توقعات ولا يعلم الغيب إلا الله، فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي المقصرة والتي أرجو أن تجد لديكم العذر في التقصير.


وتبقى أرواحنا معلقة بقول رب العزة ورسوله المصطفى، فقد قال المولى عز وجل جلاله (قُل لَّن یُصِیبَنَاۤ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ) وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)


(كتب هذا المقال بشهر مايو 2020)


*الدكتور أحمد بن حسن الشيخ رئيس مركز دبي للتحكيم الدولي, كاتب و رجل أعمال إماراتي ناجح و متميز, المدير العام لشركة حسن بن الشيخ للصناعات التي تعمل في مجال الطباعة و النشر منذ عام 1966 و أيضا في مجال العقارات في دولة الإمارات و بدأ العمل في الشركة منذ عام 1984... ترأس مناصب عديدة في القطاع الحكومي و الخاص.


يحمل الدكتورأحمد بن حسن الشيخ دكتوراه في الاقتصاد من جامعة كوفنتري من بريطانيا ، و ماجستير في الإقتصاد من جامعة دوندي في بريطانيا ، وبكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الإمارات العربية المتحدة.




Comments


bottom of page