الأجيال الشابة تقود "ثورة ضد المشروبات الكحولية"
- بسمة الجندلي، رئيسة التحرير
- Nov 12, 2020
- 4 min read
خلال تفشي وباء كورونا، يبدو أن الاتجاه نحو الإقلاع عن تناول الكحول أواستهلاكه بصورة واعية قد ازدهر، وصار اتجاهاً عالمياً متزايدا، وقرر كثيرون أن يسايروه.

تحدثت تقارير عدة عن آثار وباء كوفيد على علاقة الناس بالمشروبات الكحولية.
فقد أصدرت السلطات الصحية حول العالم من الهند إلى البرازيل، والولايات المتحدة وعدة دول أوروبية تحذيرات بعدما أشارت الأرقام إلى ارتفاع دراماتيكي في مبيعات المشروبات الكحولية.
ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، قفزت مبيعات المشروبات الكحولية على الإنترنت بنسبة 400% في نهاية إبريل/ نيسان في ظل فرض إجراءات الإغلاق. بينما حظرت بعض الدول مثل جنوب أفريقيا مبيعاتها خلال فترة الإغلاق في محاولة لضبط الاستهلاك.
وفي المملكة المتحدة أظهر مسح أجرته مؤسسة Alcohol Change غير الحكومية أن نحو 30 % من البريطانيين يعتقدون أنهم يتناولون الكحوليات بصورة أكبر خلال تفشي الوباء.
ومع ذلك، وبالرغم من هذه الزيادة المقلقة، يبدو أن الاتجاه نحو الاستهلاك الواعي أو ربما حتى الامتناع التام قد شهد نموا. وهذا ما تؤكده نتائج المسح ذاته لمؤسسة Alcohol Change، إذ تبين أن 37% من الناس " يتخذون خطوات فعلية نحو ضبط تناولهم للكحوليات"، ويشمل ذلك تناولها بصورة أقل أو الإقلاع عنها تماماً، بحسب البيانات.
وتتزعم الأجيال الأصغر سناً هذا الاتجاه من أجل الامتناع عن الكحوليات.
يُنظر إلى أبناء جيل الألفية، كما يُعرف هؤلاء الذين ولدوا بين عامي 1981 و1996 على أنهم أقل "تعطشاً" للكحوليات من الأجيال السابقة.

ويشرح جوني فورسيث الخبير في صناعة الكحول في شركة مينتل البحثية قائلاً " قبل عشرين عاماً كان اتباع نظام صحي يبدو أمراً غريبا. أما الآن فقد أصبح ذلك أمراً جذابا. صار المجتمع أكثر وعياً وبات من الصعب تبرير تناول الكحول كما كان يحدث في السابق".
ويضيف "جيل زِد هو الجيل الأكثر اهتماماً بالصحة منذ زمن بعيد. إنهم سيغيرون صناعة الكحول".
وسائل التواصل الاجتماعي والامتناع عن الكحوليات
أعقب نشر كتاب وارنغتون زيادة في عدد المؤثرين المهتمين بالامتناع عن الكحوليات، مثل كيلي فيتزجيرالد التي أصبحت -مستخدمة شعار Sober Señorita -واحدة من أكثر الأسماء شعبية في الولايات المتحدة في هذا المجال على انستغرام.
تقول " لا أدري إن كان الامتناع عن الكحول قد أصبح نوعاً من التحدي خلال تفشي وباء كورونا، لكن من المؤكد أنه أصبح أمراً حقيقياً ومهماً أكثر بالنسبة للكثيرين".
" هؤلاء الذين لم يكونوا ممتنعين عن الكحول قبل تفشي كوفيد -19 وجدوا أنهم مضطرون للبقاء بمفردهم أو داخل المنزل، ولم يستطيعوا تبرير أنماطهم "العادية" للاختلاط بالآخرين وتناول الكحول".
وتضيف فيتزجيرالد " اعتقد أن الكثير من الناس وجدوا أنهم عند مفترق طرق، وسألوا أنفسهم : هل نمط تناولي للكحوليات عادي؟"
لي مينغو والمعروف على انسغترام باسم The Gay Sober رأى أيضاً أنه أمام الكثيرين فرصة لطرح الأسئلة بشأن الأحكام المسبقة حول الإقلاع عن الكحول أو التناول الواعي للكحول.
يقول " بدأ الناس الاعتياد على فكرة الإقلاع عن الكحوليات، رغم أن أكثر عبارة أسمعها هي أن هؤلاء المقلعين عن الكحول مملون".
ويضيف " كانت هذه العبارة تغضبني، لكنني الآن أرد قائلاً إن المقلعين عن الكحول يستطيعون قيادة السيارة إلى المنزل بعد قضاء سهرة ليلية، بدلاً من الوقوف في حالة انتظار مع أناس سكارى يتصرفون كما لو كانوا أمام تخفيضات الجمعة السوداء، عند رؤيتهم أول سيارة أجرة".
الصحفية ميلي جوتش (27 عاما)- المؤثرة على انستغرام والتي تدير جمعية دعم تحمل اسم The Sober Girl Society للمساعدة في الإقلاع عن الكحول- تتفق أيضاً مع الرأي القائل إن إجراءات الإغلاق كانت لها تاثيرات إيجابية على البعض.
كتبت جوتش في رسالة إلكترونية لبي بي سي تقول " بالتأكيد أوجد وباء كورونا تحديات جديدة لفكرة الإقلاع عن الكحول كغياب الدعم المباشر، والقلق العام من أن يدفع ذلك بعض الناس إلى الإفراط في تناولها".
وتضيف" لكن الكثير من أعضاء جمعيتنا قالوا إن الوباء جعل عدم تناول الكحوليات أكثر سهولة بسبب قلة الإغراءات والمناسبات وغياب الضغط الاجتماعي".
استهلاك الكحوليات:عدد الأشخاص والكميات
• يظهر أحدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن غالبية الناس غير مستهلكين للكحول، إذ تقل نسبة هؤلاء الذين يتناولون المشروبات الكحولية حول العالم ممن تزيد أعمارهم عن 15 عاماً عن 43 %. وأكثر من 44% من سكان العالم لا يتناولون الكحوليات نهائيا.
* يتسبب الاستخدام الخطر للكحول في 3 ملايين وفاة على الأقل سنويا، أي أكثر من ثلاثة أضعاف خسائر كوفيد -19 عالمياً ( 830 ألف وفاة بسبب فيروس كورونا في نهاية أغسطس/ آب).
* الخبر السار هو أن عدد الأشخاص الذين يتناولون الكحول انخفض بنسبة 5% خلال العقدين الماضيين بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية.
انتشار المشروبات الخالية من الكحول ومنخفضة الكحول
يقول الخبراء إن تغير السلوكيات أدى إلى إيجاد فرص عمل جديدة في الدول الغربية، قد تنتشر قريباً في باقي أنحاء العالم.
فموقع One Year No Beer ( عام بدون بيرة) لديه 70 ألف عضو في 90 دولة حول العالم، وقد شهد تأثيراً لهذه التغييرات السلوكية على نشاطاته.
كما حقق مصنعو المشروبات منخفضة الكحول والخالية من الكحول نمواً في مبيعاتهم خلال تفشي وباء كورونا.
هذا تحديداً ما حدث مع بول ماثيو، وهو خبير أحياء بريطاني وصاحب حانة قام العام الماضي بإطلاق مشروب خالٍ من الكحول لبيعه حصرياً للحانات والمطاعم. وحين تفشى وباء كورونا كان ماثيو يخشى الأسوأ، فحاول بيع منتجه إلى الجمهور مباشرة. وسرعان ما انهالت عليه طلبات الزبائن وارتفعت مبيعاته بنسبة 4000 % نتيجة لذلك.
يقول " صرنا نبيع الالاف بعدما كنا نبيع بضع مئات من الزجاجات في الشهر الواحد. بالتأكيد لم أتوقع هذا".
ويشير تقرير عن أبحاث السوق حول البيرة الخالية من الكحول نشر في أغسطس / آب الماضي إلى " تحول تفضيلات العملاء نحو المشروبات الخالية من الكحول" ويتوقع أن حجم هذا النشاط "سيتجاوز 6 مليارات دولار بحلول 2024" في أوروبا وحدها، مع توقعات بزيادته في أفريقيا والشرق الأوسط أيضا.
ويقول التقرير إن " الوعي المتنامي بالمشكلات الصحية المرتبطة بالاستهلاك الزائد للكحول يشجع المستهلك على الاتجاه إلى مشروبات بديلة".
الشركات العملاقة في صناعة الكحول كثفت هي الأخرى نشاطاتها في انتاج المشروبات الخالية من الكحول.
ولعل المثال الأحدث كان الإعلان عن أن مشروب هاينكن زيرو (البيرة الخالية من الكحول) سيكون للمرة الأولى الراعي الرئيسي لدوري أبطال أوروبا، أحد أهم منافسات كرة القدم في العالم.
وعادة ما تتولى العلامات التجارية الكبرى للمشروبات الكحولية، خاصة البيرة، رعاية المنافسات الرياضية الدولية.
كما أظهر بحث أجرته شركة باكاردي للكحول زيادة بنسبة 42% في عام 2019 في عمليات البحث عن طريق غوغل على كلمة " موكتيل" والتي تشير إلى مشروبات الكوكتيل الخالية من الكحول. بي بي سي

Comments